هذا الإنسان العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم



لَمْ يَتفرَّد محمّد صلى الله عليه وسلم بأنه يُمثّل الكمال الإنساني المطلق من جميع نواحيه فَحَسب ..
بل هو يُمَثّل النجاح المُعجز في تربية النماذج الإنسانية الكاملة من الأفراد ،
والأمة الإنسانية الكاملة من بين الشعوب ، فَمَن مِثل محمد صلوات الله وسلامه عليه ؟
بالله عليكم قولوا لي .. مَن مِثل محمد ؟
أمُريدَ مِثلِ مُحمدٍ في عَصْرِنا لا تَبْلُنا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ
لَم يَخلُقِ الرحمـــــنُ مِثلِ مُحَمّدٍ أحَداً وظنّي أنـــــه لا يَخلُقُ
??
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ واليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثيرا )
لقد مثّلت حياةُ رسول الله ، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أعمالاً كثيرة متنوعة ،
بحيث تكون فيها الأسوةُ الصالحة ، والمنهج ُ الأعلى ، للحياة الإنسانية في جميع أطوارها ،
لأنها جمعت بين الأخلاق العالية والعادات الحسنة ، والعواطف النبيلة المعتدلة ، والنوازع العظيمة القويمة ...
فيــَـــــــــــا إنســــــــــان ...
إذا كُنتَ غنيّاً مُثْرِياً ...
فاقتَدِ بِمحمّد صلى الله عليه وسلم عندما كان تاجراً يسيرُ بِسلعِهِ بين الحجازِ والشام ، وحينَ مَلَكَ خزائنَ البحرَيْن .
وإنْ كُنتَ فقيراً مُعْدَماً ...
فَلْتَكُنْ لكَ أُسوةٌ بهِ وهو محصورٌ في شِعَبِ أبي طالب ، وحينَ قَدِمَ إلى المدينة مهاجراً إليها من وطنهِ وهو لا يحملُ مِن حطامِ الدنيا شيئاً .
وإنْ كُنتَ مَلِكــاً ...
فاقتَدِ بِسُنَنِه وأعمالهِ حينَ مَلَكَ أمرَ العرب ، وغَلَبَ على آفاقِهم ، ودانَ لِطاعتهِ عظماؤُهم وذوو أحلامَهم .
وإن كُنتَ رعيّةً ضعيفـاً ...
فَلَكَ في محمّدٍ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ حَسَنةٌ أيامَ كانَ محكوماً بِمكةَ في نظامِ المشركين .
وإنْ كُنتَ فاتِحاً غالباً ...
فَلَكَ في حياةِ محمّد صلى الله عليه وسلم نصيبُ أيّام ظفرِهِ بِعَدوِّه في بَدْرٍ وحُنَيْن ومكّة .
وإنْ كُنتَ مُنْهَزِماً _ لا قدّرَ الله ذلك _ ...
فاعتَبِرْ بـــ ِ محمّد صلى الله عليه وسلم في يومِ أحدٍ وهو بينَ أصحابهِ القتلى ورفقائهِ المُثْخَنينَ بالجِراح .
وإنْ كُنتَ مُعَلِمَـاً ...
فانظُرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم وهو يُعَلِّمُ أصحابهُ في صَحْنِ المــــسجد .

وإنْ كُنتَ تلميذاً مُتَعلِّمـاً ...
فَتَصَـوَّرْ مقعَدَ محمّد صلى الله عليه وسلم بين يدي الروحِ الأمينِ _ جبريل _ جاثياً مُستَرشِداً .
وإنْ كُنتَ واعِظاً ناصِحاً ومُرشِداً أميناً ...
فاستَمِعْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم وهو يَعِظُ الناسَ على أعوادِ المسجدِ النّبويّ .
وإنْ أرَدْتَ أنْ تُقِيمَ الحقَّ وتَصدَعَ بِالمعروف ، وأنتَ لا ناصِرَ لكَ ولا مُعين ...
فانظُرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم وهو ضعيفٌ بِمكّةَ لا ناصِرَ يَنصرُهُ ، ولا مُعينَ يعينُهُ ، ومع ذلكَ فهوَ يدعُو إلى لا إله إلاّ الله ويُعلِنُ بها .
وإنْ هَزَمْتَ عَدوَّكَ وخضدْتَ شوكَتَهُ وقَهَرْتَ عنادَهُ ،
فَظهرَ الحقُّ على يديكَ وزُهِقَ الباطل ُ واستتَبَّ الأمرُ ... فانظرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم يومَ دخلَ مكّةَ وفَتَحَهَـــا .
وإنْ أرَدْتَ أنْ تُصْلِحَ أمورَكَ ، وتَقومَ على ضِياعِكَ ...
فانظرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم وقدْ مَلَكَ ضِياعَ بني النَّضِيرِ وخَيْبَرَ وفَدَك ، كيفَ دَبّرَ أمورَها ،
وأصلحَ شؤونَها ، وفَوَّضَها إلى مَنْ أحسَنَ القيامَ عليها .
وإنْ كُنتَ يتيمـاً ...
فانظرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم فَلذةِ كبدِ آمنـةَ وزوجِهـا عبدِ الله ، وقدْ تُوفيـا وابنُهما محمّد طفلٌ رضيع .
وإنْ كُنتَ صَغيرَ السّـنِّ ...
فانظرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم ذلكَ الغلام الجميل حينَ نشأ عند حليمة ، وخَبَأتهُ في جوفِ قلبِها الحنون .
وإن كُنتَ شــــابّاً مُراهقاً ...
فاقرأْ أيّـامَ محمّد صلى الله عليه وسلم ، راعــي مكّة .
وإنْ كُنتَ تاجراً مُسـافراً بِالبضائعِ ...
فلاحِظْ شؤونَ محمّد صلى الله عليه وسلم سـيِّدِ القافلةِ التي قَصَدَتْ بصرى .
وإن كُنتَ قاضياً أو حَكَمَاً ...
فانظرْ إلى محمّد صلى الله عليه وسلم الحَكَمِ الذي قَصدَ الكعبةَ قبلَ بُزوغِ الشمسِ لِيَضعَ الحجرَ الأسودَ في مَحلِّه ،
وقدْ كادَ رؤساءُ مكّةَ يَقتتلون ، ثمّ أرجعِ البصرَ إليه مرةً أخرى ، وهو في فَناءِ مسجدِ المدينة المنوّرة ..
يَقضي بينَ الناسِ بِالعدلِ ، يَسْتوي عندَهُ منهم الفقيرُ المُعْدَمُ ، والغنيُّ المُثْريُّ .
وإنْ كُنتَ زوجـاً ...
فاقرأ ليــالي محمّد صلى الله عليه وسلم الطاهرة ، والحياةَ النزيهةَ لِزوجِ خديجة ، وسودة ، وعائشة ، وحفصة ، وزينب ،
وأمّ سلمة ، وأمّ حبيبة ، وجويرية ، وماريّا ، وصفيّة ، وميمونة ، .
وإنْ كُنتَ أبا أولادٍ ...
فَتَعَلّمْ من محمّد صلى الله عليه وسلم ، ما كانَ عليهِ والِدُ : القاسم ، وإبراهيم ، وعبد الله ، وزينب ، ورقيّة ، وأمّ كلثوم ، وفاطمة ،
وإنْ كُنتَ جَدَّاً ...
أيضاً تَعَلَّمْ من جَدِّ الحسَن والحسَين ، إن كَحّلْتَ عينيكَ بِأحفادك .
وإنْ كُنت .. وإذا كُنت .. وأيّاً مَنْ كُنت .. وفي أيِّ شأنٍ كانَ شأنُك ..
فإِنّكَ مهما أصبحْت أو أمسيْتَ ، وعلى أيِّ حالٍ بِتَّ أو أضحيْتَ ..
فَلَكَ يــــا إنســــــان في حياةِ محمّد صلى الله عليه وسلم هدايةٌ حَسَنة ، وقُدوةٌ صالحةٌ
تُضيءُ لكَ بِنورِها دياجيَ الحياة ، وينجلي لكَ بِضوئِها ظلامُ العيش ،
فَتُصلحُ ما اضطَربَ من أمورك ، وتُثْقِفُ بِهَدْيهِ أودكَ ، وتُقَوِّمُ بِسُـنَنِهِ عوجَكَ .
ســـــــــــــــــــــــــــــــيّدي يــــا رسولَ الله ..حبيبــــــــــــــــــــــــــي يـــــا حبيـبَ الله ..


ونَحيــا بِذكـراكُمْ إذا لمْ نَراكـُمُ .... ألا إنّ تّذكــارَ الأحبّــة يُنعِشــــنا
فلــولا معـانيكـم تــراها قلوبنا .... إذا نحن أيقاظ وفي النومِ إنْ غِبنا
لَمتنا أسىً من بُعدكم وصَبابةً.... ولكنّ في المعنــى معانيكمُ مَعَنَـا
يُحَرِّكنـا ذكـر الأحاديث عنكمُ .... ولولا هواكم في الحَشا ماتحرّكنا



أحبّتــي فــــي الله ..
إنْ فاتكُــمُ أنْ تَنظروهُ بِعينكم ، فما فاتــــكُم بالسّـــمعِ هذي شــَمائله


أيها الأخ المسلم .. أيتها الأخت المسلمة ..
كونوا مِثل محمد صلى الله عليه وسلم ما استطعتم ، تلحقون به في ركب الخالدين ،
كونوا صورة موجزة عنه ، فَمِثل محمد تماماً ما كان ولن يكون في التاريخ ،
لأنَّ إرادة الله اقتضت أن تكون للإنسانيّة شمسٌ واحدة تطلع كلّ يوم