ذاكرة قريه

ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ
ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﻐﺎﻓﻼً
ﻣﺮﺿﻪ ﻟﻴﻔﺮﻍ ﻣﻦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺘﻪ:
»ﺫﺍﻛﺮﺓ ﻗﺮﻳﺔ« ﻋﻦ ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ
ﻣﻘﺮﻥ ﻋﻄﺒﺮﺓ. ﻭﺳﺘﻨﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ
ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ
ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ. ﻭﻗﺪ ﻛﺮﻣﺘﻨﻲ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ
ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﻭﺑﺪﺍ ﻟﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛـ
»ﻏﻴﺮﺓ« ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺄﺛﺮﺕ
ﺑﻐﻴﺮ ﻭﺟﻪ ﺣﻖ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺗﻌﻤﻪ
ﻓﻲ ﺑﻼﺩﺓ ﺍﻟﺮﻳﻒ. ﻭﻻ ﺷﻔﺎﺀ ﻟﻬﺎ ﺇﻻ
ﺑﺘﺠﺮﻳﻌﻬﺎ ﻏﺼﺺ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻘﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻭﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ.
ﻣﻦ ﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ
ﺍﻷﺑﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﺼﻮﺭﺍﺗﻨﺎ:
ﻣﺄﻭﻯ ﺭﻋﻴﻞ ﺃﺻﻴﻞ ﻧﻘﻲ ﻣﻦ ﻋﺸﻴﺮﺓ
ﺗﺴﺘﻈﻞ ﺑﺸﺠﺮﺓ ﺟﺪ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
ﺧﻼﻓﺎً ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﺧﻠﻴﻂ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ
ﻓﺨﺪﻋﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻓﺄﻭﻝ ﻣﻦ ﺳﻜﻦ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﻛﺴﺔ
ﺍﻟﺠﻌﻠﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺭﺑﻮﻉ ﺩﺍﺭ
ﺟﻌﻞ ﻭﺟﺎﺀﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ
ﺩﻳﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﻱ. ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺮﺯﻗﻼﺏ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺫﻳﺐ ﻋﻘﺎﺑﺎً ﻟﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﺷﺪﺗﻬﻢ ﻣﻊ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋﻤﻮﻣﺘﻬﻢ. ﻓﻘﺪ
ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﻳٌﻬَّﺠَﺮﻭﺍ ﻣﻦ
ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺪﺍﻣﺮ ﺗﺎﺭﻛﻴﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺭ.
ﻭﻏﻀﺒﻮﺍ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﺍﻋﺘﺪﻭﺍ
ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺍﻗﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﺫﻳﺐ. ﻭﺍﻧﺘﻬﻮﺍ ﺑﻌﺪ
ﺟﻼﺋﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﺪﺍﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﻜﻨﻰ
ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ. ﻭﺗﺰﻭﺝ »ﻛﻌﺎﻛﺔ« ﺃﻡ ﺟﺮ
ﺑﺎﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻗﻼﺏ ﻭﺻﺎﺭﻭﺍ
ﺃﻫﻼً. ﻭﺗﺤﺮﻑ ﺍﻟﺮﺯﻗﻼﺏ ﻟﻠﺸﺠﺎﺭ ﻟﻢ
ﻳﻠﻦ. ﻓﺮﻓﻀﻮﺍ ﺍﻥ ﻳﺪﺧﻠﻮﺍ ﺍﻟﻘﻴﻘﺮ
)ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻔﺮﻩ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻬﻢ(
ﻓﻀﺎﻳﻘﻬﻢ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻓﺮﺣﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﺔ ﺑﻌﻄﺒﺮﺓ ﻭﺍﺻﺒﺤﺖ ﺳﻜﻨﺎً ﻟﻬﻢ.
ﻓﺎﻟﻌﻤﺪﺓ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﺍﻟﺴﺎﻓﻼﻭﻱ ﻭﺭﻫﻄﻪ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺎﻟﺪﺍﺧﻠﺔ ﻫﻢ ﺑﻌﺾ ﻏﻀﺒﺔ
ﺍﻟﺮﺯﻗﻼﺏ. ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ
ﻛﺒﻮﺷﺎﺏ ﺟﻌﻠﻴﻴﻦ ﻣﺜﻞ ﺁﻝ ﺷﺒﺮ
ﺧﺆﻭﻟﺔ ﺍﻟﻄﻴﺐ. ﻭﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻌﻠﻴﻴﻦ. ﺑﻞ ﺟﺎﺀﻫﺎ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻮﻥ ﺑﺤﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻪ
ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺩﻧﻘﻼ. ﻭﺳﻜﻨﻮﺍ ﺍﻟﺪﻳﺪﺭﻳﺔ
ﺑﻨﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ. ﻭﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ
ﺑﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻗﻴﻘﺮﻫﻢ )ﺧﻨﺪﻗﻬﻢ.(
ﻓﺮﺣﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ. ﻭﻹﺣﺴﺎﻧﻬﻢ
ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺟﻌﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ
ﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻳﺔ ﻓﻴﻬﻢ. ﻓﺘﺄﻣﻞ. ﺛﻢ ﺳﻜﻨﻬﺎ
ﺍﻟﺰﺑﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ. ﻭﻗﺪﻣﻨﻰ ﻟﻬﻢ
ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺑﻔﺮﺡ ﺑﺪﺍﺭﻩ. ﺑﻞ
ﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺨﺼﻮﺹ
ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻠﻚ ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﻟﻴﻄﻠﻖ ﻋﻴﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻻﻳﺌﺬﺍﻥ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ. ﻭﺯﻛﻰ ﻟﻲ ﺍﻟﻄﻴﺐ
ﻋﺸﺮﺓ ﺍﻟﺮﺷﺎﻳﺪﺓ ﻭﺣﻠﻮ ﺟﻴﺮﺗﻬﻢ.
ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﺮﻳﺔ ﺃﺻﻞ ﺛﺎﺑﺖ. ﻓﻬﻲ ﻗﺪ
ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻢ ﺗﺮﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ
ﻭﻻ »ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ« ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮﺓ:
»ﻳﺎ ﺟﺒﺖ ﻣﺎﻻً ﻓﺮَّﺡ ﺃﻡ ﺳﻮﻣﻴﺖ.« ﻓﻘﺪ
ﺃﺛﻘﻠﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑـ
»ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ« ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ »ﻋﺸﺮﺓ ﻓﻲ
ﺗﺮﺑﺔ ﻭﻻ ﺭﻳﺎﻝ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﺔ.« ﻭﺩﻓﻊ
ﺇﺳﺮﺍﻑ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺑﻌﺒﺪ
ﺍﻟﻤﺎﺟﺪ ﻭﺩ ﺣﻤﺪ ﻭﺣﺎﻣﺪ ﻭﺩ ﺣﻤﺪ
ﻭﻋﻠﻲ ﻭﺩ ﺷﺒﺮ ﻭﻣﻬﺪﻱ ﻭﺩ ﺷﺒﺮ
ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺩ ﺍﻟﻔﻜﻲ، ﺟﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ،
ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻠﻜﻠﺔ ﺑﺪﺍﺭ ﺍﻟﻬﺒﺎﻧﻴﺔ ﺑﺪﺍﺭﻓﻮﺭ. ﺛﻢ
ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻫﺠَّﺮﻫﻢ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ. ﻭﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ
ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﺖ ﺷﺒﺮ ﻹﺧﻮﻳﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﺿﺎ
ﻣﻬﺪﻳﺔ ﻓﺠﺎﺀﺗﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ
ﻭﺃﺧﺬﺗﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﻣﺮ. ﻏﻴﺮ
ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻬﻢ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﺒﺮ ﺃﻋﺪﻣﻪ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻻﺭﺗﻜﺎﺑﻪ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺘﻞ. ﻭﺣﺎﺭﺏ
ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﻫﻢ
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺣﺼﻴﻦ ﻭﻋﻠﻲ ﺑﺎﺣﺼﻴﻦ
ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻭﺩ ﺑﻠﺔ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﺍﺑﻮ ﻛﻮﻉ
ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﻛﻮﻉ ﻭﺍﻟﺮﻓﻴﻖ ﻭﺩ ﺃﺑﺸﺮ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺣﺴﻦ ﻭﺩ ﺍﻟﻔﻜﻲ
ﻭﺯﻳﺪﺍﻥ ﻭﺩ ﺍﻟﻔﻜﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ
ﻭﺣﻤﺪ ﻭﺩ ﺑﺨﻴﺖ ﻭﺑﺎﺷﺮﻱ ﻭﺩ ﺑﺨﻴﺖ
ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺩ ﺑﺨﻴﺖ. ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻣﻨﻬﻢ
ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺩ ﺃﺑﻮ ﻛﻮﻉ ﻓﻲ ﺣﺼﺎﺭ
»ﻗﻴﻘﺮ) «ﺧﻨﺪﻕ( ﺑﺮﺑﺮ ﻭﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻭﺩ
ﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺮﺭﻱ. ﻭﺃﺗﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ
ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺒﻮﺍ ﺍﺳﻤﺎﺅﻫﻢ ﺑﻤﺪﺍﺩ
ﻣﻦ ﻋﺮﻓﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺠﻬﺔ
ﺍﻟﻜﻮﺑﺮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻴﻘﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ
ﺍﺳﻤﺎﺀ ﺟﻨﺪ ﻣﺠﻬﻮﻟﻴﻦ ﻟﻠﻤﻬﺪﻳﺔ ﺻﺒﺮﻭﺍ
ﻭ ﺻﺎﺑﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺮﻕ
ﻟﻴﺴﺖ ﺳﺠﻮﻧﺎً ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻗﺮﻭﻳﺔ ﻛﻤﺎ
ﻧﺘﻮﻫﻢ. ﻓﻄﺮﻗﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺫﺍﺕ ﺍﺗﺠﺎﻩ
ﻭﺍﺣﺪ. ﻓﺴﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﺔ ﻣﻄﻮﺍﻋﺔ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﺷﺎﺫﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺔ
ﺍﻟﻤﺠﺎﺫﻳﺐ ﺃﻭ ﺧﺘﻤﻴﺔ. ﺛﻢ ﺟﺎﺀﺕ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻓﻌﺮﺿﻮﺍ ﻣﻬﺪﻳﺔ ﺧﺎﻟﻌﻴﻦ
ﻭﻻﺀﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺍﺗﺒﻌﻮﺍ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺩﻗﻨﺔ. ﻭﺧﺎﺿﻮﺍ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﺨﻴﻠﺔ
)ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺃﻧﻬﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺐ
ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺨﻴﻠﺔ.( ﻭﻟﻤﺎ ﺍﻧﻬﺰﻣﻮﺍ ﺳﺎﺭ
ﺑﻬﻢ ﺩﻗﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﻭﻋﺴﻜﺮ ﺑﻬﻢ
ﻓﻲ ﺧﻮﺭ ﺷﻤﺒﺎﺕ. ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ
ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﺣﺒﻮﺑﺘﻲّ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻟﻮﺍﻟﺪﻩ
ﻭﻷﻣﻪ. ﻭﺣﻜﺖ ﻟﻪ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ
ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻳﺎﻡ. ﻓﺮَﻭّﻥ ﻟﻠﻄﻴﺐ ﻳﻮﻡ
ﻟﻘﺎﺀ »ﺍﻟﻜﻔﺮﺓ« ﻓﻲ ﻛﺮﺭﻱ. ﻗﺺ
ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺷﻌﻮﺭﻫﻢ ﺃﻱ ﺗﺰﻳﻨﻮﺍ ﻭﻗﺼﻮﺍ
ﺃﻇﺎﻓﺮﻫﻢ. ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺟﺜﺎﻣﻴﻦ ﺗﻬﻴﺄﺕ
ﻟﻠﻤﻮﺕ. ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺟﺪﺍ ﺍﻟﻄﻴﺐ
ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺍﻷﺭﻣﻠﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺪﺍﻣﺮ ﺛﻢ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ. ﻭﻟﻢ ﺗﻘﻒ ﻣﺮﻭﻧﺔ
ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ. ﻓﻘﺪ ﺗﻄﺮﻕ
ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ
ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﺔ ﺑﻜﺪﺑﺎﺱ ﻧﺤﻮ ﻋﺎﻡ1930
ﻓﺒﺪﺍ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ
ﺧﻴﺎﺭﻩ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺴﺎﺕ
ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺗﺒﺪﻭ
ﻛﺤﺮﺍﺳﺎﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ.
ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺃﺛﺎﺭﻧﻲ ﻋﻦ ﻗﺮﺍﻧﺎ ﻛﺜﺎﻓﺔ
ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﻘﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺑﻴﻦ ﺗﻜﺎﺩ
ﺗﺘﻼﻗﻰ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻃﻲ. ﻭﺩﺩﺕ
ﻟﻮ ﺃﺣﺼﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﺽ ﻣﻴﺰﺍﺗﻨﺎ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺒﺚ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺮﻱ ﺑﺎﻷﻣﺘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﺑﻌﺔ. ﻭﻟﻴﺴﺖ
ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ. ﻭﺍﻋﺘﻨﻰ ﺍﻟﻄﻴﺐ
ﺑﺴﺮﺩ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻭﻓﻮﺩ ﻣﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻟﻠﻤﻘﺮﻥ. ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻣﻦ
ﺟﻬﺔ ﺩﻧﻘﻼ. ﻭﺳﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ
ﻛﺒﻴﺮﺓ. ﻓﺒﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﺍﺳﺘﻘﺪﻣﺖ
ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﻌﻠﻢ ﻗﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺑﺮﺑﺮ ﺛﻢ
ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺑﺸﺎﻳﻘﻲ ﺛﻢ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺑﺂﺧﺮ. ﻭﻓﻲ
ﻋﺎﻡ 1914 ﺟﺎﺀ ﻓﻜﻲ ﻣﻜﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺆﺭﺥ ﻗﺪﻭﻣﻪ ﺑﻮﻻﺩﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﻮ ﻛﻮﻉ.
ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﻟﺪﺑﺔ ﺑﺎﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺭﺟﻊ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﺎﻡ 1957 ﻭﺗﻮﻓﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺯﺍﺭ
ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻗﺒﺮﻩ ﻟﺪﻯ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺍﻟﺪﺑﺔ ﻭﻓﺎﺀ
ﻟﻤﻌﻠﻤﻪ. ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﻓﻘﺘﻪ
ﻟﻠﻘﺒﺮ »ﻧﺪﻳﻬﺔ« ﺍﻟﺸﻴﺦ» :ﺳﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ
ﻣﻜﻲ ﻭﺩ ﺗﺴﺎﺑﺔ ﻭﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﻮﻙ
ﺑﻜﺮﻱ.« ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﻓﻜﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻣﻦ
ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻛﺘﻲ. ﻭﻛﺎﻥ ﻏﺸﻲ ﺍﻟﻜﺎﺳﻨﺠﺮ
ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩ ﺣﺎﺝ ﺍﻟﻤﺎﺣﻲ ﻟﻴﺪﺭﺱ
ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺗﻬﻢ. ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻋﻄﺒﺮﺓ
ﻭﺯﻛﺎﻩ ﻗﺮﻳﺐ ﻟﻪ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ
ﻓﻌﻴﻨﻮﻩ ﺷﻴﺨﺎً ﻟﺨﻠﻮﺗﻬﻢ ﻭﻣﺎﺭﺱ
ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﺐ ﻣﺜﻞ ﺗﺤﻮﻳﻂ ﺍﻟﻤﻠﺴﻮﻉ
ﻭﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺰﺭﻉ
ﺃﺭﺽ ﺯﻭﺟﺘﻪ. ﻭﺗﺰﻭﺝ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﺍﺷﺘﻐﻞ
ﺑﻤﺨﺎﺯﻥ ﺍﻟﺴﻜﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺃﻳﻀﺎً. ﻭﺗﺒﻊ
ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻷﺣﻤﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺍﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ. ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ
»ﻓﻘﻴﺮ ﻛﺎﺫﺏ« ﻫﻮ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ﺟﺎﺀ
ﺷﺒﻪ ﺃﻃﺮﺵ ﺛﻢ ﺗﺤﺪﺙ. ﻭﻟﻪ ﺃﻓﺎﻋﻴﻞ
ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻫﻲ ﺩﺟﻞ ﻣﺤﺾ ﻣﺜﻞ ﺗﺤﻮﻳﻞ
ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﺐ. ﺛﻢ ﺍﻧﻜﺸﻒ
ﻭﺳﺠﻨﻮﻩ.
ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺣﺼﻲ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺳﺤﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﻋﺪﺩﺍ. ﻓﻤﻦ ﻃﺮﺍﺋﻔﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺃﺣﺼﻰ
ﻣﻦ ﺭﺯﻗﻮﺍ ﺑﺒﻨﺖ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ
ﺍﻟﻤﻘﺮﻥ. ﻭﺫﻛﺮ ﻇﺮﻓﺎﺋﻬﻢ. ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﺍﻟﻤﻘﻠﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺎﻛﻲ ﻭﺍﻟﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ
»ﻳﻘﻠﺪ ﺳﻔﺘﻪ ﻭﺷﻢ ﺍﻟﺤﻘﺔ ﻭﻟﻔﻆ
ﺍﻟﺴﻔﺔ.« ﺛﻢ ﺃﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﻴﻦ
ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺰﺍﺋﺮﻳﻦ ﻧﺴﺎﺀً
ﻭﺭﺟﺎﻻً. ﻭﺑﻌﺾ ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﻣﺜﻞ
ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺒﻠﻴﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ﻟﺘﻼﻓﻲ ﺩﺍﺀ
ﻭﺑﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﻗﺤﺔ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ
ﺍﻟﻤﻄﺮ:
ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺗﻼﻗﻲ